الاثنين، 15 يونيو 2009

اثر التقدم العلمي والتكنولوجي على المجتمع

لقد أسهمت البشرية منذ ألاف السنين في بناء صرح العلم الذي نعرفه اليوم كما أن الخبرة البشرية منذ ألاف السنين قد اسهمت في بناء صرح العلم الذي نعرفه اليوم كما أن الخبرة التكنولوجية حتى في ابسط صورها ورثتها الأجيال منذ العهود القديمة وفي هذه الخبرة التكنولوجية حتى في ابسط صورها ورثتها الأجيال منذ العهود القديمة وفي هذه الخبرة الإنسانية كانت التكنولوجيا لا تستند إلى معرفة علمية منظمة قائمة على البحث والتجريب بل كانت قائمة على الحاجة ولقد أصبحت العلوم والتكنولوجيا تسيران جنبا إلى جنب الأمر الذي أدى إلى ما نشاهده اليوم من ثورة تكنولوجية.
هذا التطور الهائل في العلم والتكنولوجيا الذي بلغناه حتى نهاية القرن العشرين ليس إلا مقدمة لما يمكن أن نصل إليه في القرن الحادي والعشرين فإذا علمنا الفترات الزمنية التي استغرقتها البشرية للوصول إلى نمط من أنماط التكنولوجيا في القرنين الماضيين كانت قصيرة جدا إلى حد ما فلنا أن نجزم أن هذه الفترات سوف تتقلص كثيرا في القرن الحالي وستكون الاختراعات وتطبيقاتها سريعة بأكثر مما نتصور.
ويشكل التطور التكنولوجي المتوقع في القرن الحادي والعشرين تحديا هائلا للبحثين والعلماء في كافة المجالات.
واهم الجوانب التي يتأثر بها الإنسان والمجتمع هي الخصائص الاقتصادية والاجتماعية والتربوية:

الخصائص الاقتصادية: الاقتصاد هو عصب الحياة في كافة المجتمعات والقوة المحركة للمجتمع وقد شهد التاريخ الإنساني العديد من الحروب نظرا لتضارب المصالح بين الدول وتحولت الدول من الاستعمار العسكري إلى الاستعمار الاقتصادي واليوم تعتبر التكنولوجيا هي الأداة الرئيسية للسيطرة الاقتصادية وظهرت في بداية القرن الحادي والعشرين كيانات اقتصادية كبيرة ويتوقع أن تزداد الهوة بين الدول الغنية والدول الفقيرة في القرن الحالي.

الخصائص الاجتماعية: إذا نظرنا إلى خصائص المجتمعات التقليدية فأن السمات التي كانت تحكم هذه المجتمعات في الماضي كانت قد انبثقت من ثوابت ارتضاها المجتمع قرونا عدة وبعد الثورة الصناعية بدأت هذه المفاهيم في الانحسار وأصبح الانتماء يسير نحو الفردية بدلا من القبلية والأسرة الكبيرة ولقد ساهم التقدم العلمي والتكنولوجي في تكريس العديد من التغيرات الاجتماعية.

الخصائص التربوية: تعتبر التربية أكثر الأنشطة الإنسانية والاجتماعية صلة بحياة الإنسان ومجتمعاتنا اليوم وإدراكا منها بأهمية التربية تبذل قصارى جهدها في سبيل تطويرها ولذلك يسعى التربويون إلى تطوير المناهج الدراسية وتربية المعلمين وفق الاتجاهات الحديثة التي تتمشى وظروف العصر.
ويعتبر ميدان تكنولوجيات الاتصال والمعلومات بمختلف المجالات التي يغطيها وتقنياته المتطورة والمتجددة محركا أساسيا لدفع مسار التنمية الشاملة ومقياسا جوهريا لتقدم الأمم.
وعلى صعيد أخر يعتبر النسق السريع الذي يميز التطورات والتحولات التكنولوجية التي يشهدها هذا القطاع الحيوي الواعد عنصرا فعالا في تنشيط المبادلات الإنسانية على اختلاف مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية باعتبار أن ثورة تكنولوجيات الاتصال والمعلومات أضحت تؤسس لشكل جديد من العلاقات بين المجتمعات والثقافات والتكتلات الاقتصادية والسياسية وتمهد لمستقبل جديد ومغاير للحضارة الإنسانية في إطار ما أصبح يصطلح على تسميته بالقرية الكونية.

ومن هذا المنطلق فقد أصبح توافق الأمم في إرساء تنمية شاملة ومستديمة مشروطا بمدى نجاح هذه الأخيرة في تجسيم الاستراتيجيات الملائمة قصد النهوض بميدان تكنولوجيات الاتصال والمعلومات واستثمار الأفاق الرحبة التي يوفرها على الوجه الأمثل.

واعتبارا لجملة هذه المتغيرات يحق لنا التساؤل على الدور الذي تضطلع به الدول العربية ضمن هذه الثورة التكنولوجية العميقة والمتسارعة وعن حظوظها ضمن هذا المحيط الاتصالي الجديد.

وتأتي القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي تم اعتمادها بمبادرة من تونس أثناء مؤتمر المندوبين المفوضين للاتحاد الدولي للاتصالات ( مينيابوليس 1998م ) في وقت مناسب كفرصة ثمينة تتيح للمنطقة العربية إمكانية التعمق في دراسة موضوع الفجوة الرقمية وتسليط الضوء على القضايا المتصلة بالإشكاليات والرهانات الإستراتيجية ذات العلاقة.

إلا أن من أول التساؤلات المطروحة في النقاش حول مجتمع يخص التعريف بماهية وخصائص وأهداف مجتمع المعلومات.

والحقيقة أن المفاهيم تعددت فعلا بتعدد الأطراف المعنية والثقافات وكذلك المصالح مما أدى إلى أن يكون من أهداف القمة العالمية لمجتمع المعلومات الاتفاق على مفهوم موحد على المستوى العالمي لماهية مجتمع المعلومات وعلى تمشيات متناغمة في إرساله من خلال تطوير المقاربات السياسية والتنظيمية والشبكات والخدمات في مختلف بلدان العالم.

د. منصور أبوموسى

تصريح بلفور:2نوفمبر 1917م

بعد محادثات طويله بين زعماء الحركه الصهيونيه والحكومه البريطانيه وعلى مدار ثلاثة سنوات حول أصدار تصريح من الحكومه البريطانية لليهود بخصوص فلسطين طلب الوزير البريطاني بلفور من الزعيمين الصهيونيين وايزمان وروتشلد إعداد صيغه للتصريح المقترح لعرضها على وزاره الحرب البريطانية.
وتم عقد مؤتمر صهيوني تفجر فيه نقاش عن تباين فكري عميق بين الزعماء الصهيونيين فيما يختص بمستقبل الوجود اليهودي في فلسطين على النحو التالي:
· المتطرفين الصهيونيين:
يسعون للحصول على تصريح ينص على الأنشاء المباشر للدولة اليهودية رافعين شعاراً يعني "ان فلسطين يهودية كما أن انجلترا انجليزيه وفرنسا فرنسية".
· اتجاه اخر:
دعا إلى الأعتراف بأن تكون فلسطين وطناً قومياً "للشعب اليهودي" كما جاء في مؤتمر بال الأول دون اشارة إلى الدولة اليهودية.
وأمام هذا التباين الصهيوني تشكلت لجنة سياسية برئاسة سوكولوف لدراسة نماذج من المشروعات الرئيسية:
· المشروع الاول:
من إعداد الدكتور إتنجر تمت دراسته في الرابع من يوليو 1917م يؤكد على ضروره فكره الوطن القومي ويمثل النجاح المعتدل وكان نصه الاتي:
"ان حكومة صاحب الجلالة بعد ان قدرت ان التطلعات الصهيونيه عادله وسليمه تعترف بحق الشعب اليهودي في ان تكون فلسطين وطناً قومياً في ظل الحكومة صاحبة السيادة التي سوف تحكم فلسطين في المستقبل بعد ان يتم النصر لقوات الحلفاء"
· المشروع الثاني:
من اعداد "هربرت سايدبوتام" ويمثل الجناح المتطرف تمت دراسته في 13 يوليو 1917م وكان صريحاً في اشارته لاقامة الدولة اليهودية واحتوى عبارة "تصبح فلسطين في النهاية يهودية مثلما انجلترا انجليزية" والمشروع يدل على اتجاهات سايد السياسية في مقالته في 2نوفمبر 1915م والذي تحدث فيه عن الاخطار التي تواجه الوجود البريطاني في مصر وقناه السويس وعن وجوب اقامه دوله حاجزة بغرض حماية قناه السويس واختيار الشعب اليهودي ليعيش في هذه الدولة حامياً للمصالح البريطانية في المنطقة.
· المشروع الثالث:
فقد بحث في اجتماع عقدته اللجنة السياسية الصهيونية وكان اكثر إيجاز وأكثر تعمقا من المشروعين السابقين ونصه كلاتي:
"ان سياسة حكومة صاحب الجلالة حين النظر في مستقبل فلسطين تضع مبدأ جعل فلسطين وطناً قومياً للشعب اليهودي.
وتحدد حكومة صاحب الجلالة بالاشتراك مع المنظمة الصهيونية الوسائل والطرق الازمة لاعادة تكوين فلسطين كوطن قومي للشعب اليهودي مثل منح المؤسسات الصهيونية ميثاقاً يتضمن سلطة مناسبة"

الا ان الحكومة البريطانية لم توافق على المشاريع الثلاثة وبررت ذلك بان المشروع النهائي الذي ارسله الصهيونيين جاء اطول مما يجب وانه يحتوي على تفاصيل ليس من صالح الصهيونية اثارتها في ذلك الوقت المبكر واستقر الرأي على ان يتضمن التصريح نقطتين اساسيتين هما الاعتراف بفلسطين وطناً قومياً للشعب اليهودي والاعتراف بالمنظمة الصهيونية.

فوضع الصهيونيين ذلك وارسلوه الى بلفور الذي رد عليهم برسالة في 8يوليو بان حكومة صاحب الجلالة تقبل مبدأ إعادة تأسيس فلسطين كوطن قومي للشعب اليهودي وان الحكومة سوف تبذل مساعيها لضمان تحقيق هذا الهدف.

وفي اغسطس 1917م تم تقديم مشروع ملنر وفي نفس الشهر تم تقديم مشروع بلفور وفي الرابع من اكتوبر1917م تم تقديم مشروع ملنر-امرى : وكان هذا النص بريطاني ارسل الى الصهيونيين بعد ان عرض على وزارة الحرب البريطانية وطلب منهم الرد عليه خلال اسبوع وكان نصه الاتي:
"تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف الى تأسيس وطن قومي للجنس اليهودي في فلسطين وسوف تستخدم أحسن جهودها لتسهيل تحقيق هذا الهدف على ان يفهم جليا انه لن يؤتي بعمل قد يضر بالحقوق الدينية والمدنية للتجمعات غير اليهودية الموجودة بفلسطين أو الحقوق والوضع السياسي الذي يتمتع به في أي بلد أخر هؤلاء اليهود المقتنعين تماماً بوطنهم وموطنيتهم ومواطنتهم القائمة".

وكانت الصيغة النهائية لتصريح بلفور الذي وافقت عليها الحكومة البريطانية في 2نوفمبر1917م هي الاتي: والتي ارسلها بلفور الى روتشلد:
عزيزي اللورد روتشلد
يسرني ان ابلغكم بالنيابة عن حكومة جلالتة التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود الصهيونية وقد عرض على الوزارة واقرته في 2 نوفمبر1917م
"ان حكومة صاحب جلالتة تنظر بعين العطف الى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل غاية جهدها لتسهيل هذه الغاية على ان يفهم جليا انه لن يؤتي بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية والتي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الان في فلسطين ولا الحقوق والوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في بلدان اخرى".
وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح.
وارسلت الحكومة البريطانية هذه الصيغة الى روتشلد الذي يعتبر من وجهة نظر الحكومة البريطانية أقوى شخصية في دنيا اليهود والمل والاقتصاد.

وكان الصهيونيين وبلفور يريدون كلمة "إعادة تأسيس "بدلاً من "تأسيس"لانها تبرز العلاقة التاريخية التي تربط اليهود بفلسطين ورأى وايزمان في ذلك" اغفالاً للحقوق التاريخية لليهود في فلسطين"

كما استبدلت كلمة "الجنس اليهودي" بكلمة الشعب اليهودي ولم يعجبهم ذلك ايضاً
وفي الولايات المتحدة الامريكية كان الرئيس ولسون رغم تأييده للصهيونية يعتبر ان نشر التصريح وقتئذ سابق لأ وانة لان الولايات المتحدة الامريكية لم تكن في حالة حرب مع تركيا.

ولقد كانت سياسة الحكم البريطاني العسكري هي سياسة التهدئة والتطمين عن طريق سلسلة الوعود الكاذبة الا ان هذا لا يعني في الواقع ان الفلسطينيين لم ينتبهوا لخديعة الانجليز لهم فقد أخذت انباء تصريح بلفور تتسرب الى فلسطين وكانت بداية انتشاره عن طريق جريدة المقطم المصرية التي كانت أول جريدة عربية تنشر الخبر حيث أن الجريدة تلقت من مراسلها في لندن في9نوفمبر 1917م برقية تحتوي نص التصريح نقلاً عن جريدة"جويس كرونكل" وبعد اربعة ايام وصفت المقطم صدى اعلان التصريح لدى يهود الاسكندرية واحتفالاتهم الكبيرة وقد قال رئيس المنظمة الصهيونية "جاك موصيري" في خطابة:
"بأن الصهيونية تلك الفكرة الخيالية قد صارت حقيقة واقعية".
ولم يصدر أي إعلان رسمي عن تصريح بلفور في فلسطين قبل20فبراير1920م فعمت البلاد موجة الغضب وأخذت المظاهرات الوطنية تملأ الشوارع والساحات في فلسطين.
ومن وجهة نظر بريطانيا أن اسباب هذه الاضطرابات الاتي:
1-استياء العرب لعدم تحقيق وعود الاستقلال المعطاه لهم في الحرب.
2-اعتقاد العرب بأن تصريح بلفور يتضمن انكاراً لحقهم في تقرير مصيرهم وتخوفهم من انشاء الوطن القومي اليهودي فهذا يعني أزدياد الهجرة اليهودية وبالتالي تبعية العرب إقتصادياً وسياسياً لليهود.

وبالنظر الى تصريح بلفور نجد أنه باطل قانونياً وتاريخياً وذلك للاسباب التالية:
1-التصريح صدر قبل دخول الانجليز لفلسطين بشهر واسبوع حيث صدر التصريح في 2نوفمبر 1917م ودخل الانجليز فلسطين في 9ديسمبر1917م فلو انهزم الانجليز لما تحقق ذلك.
2-اعطى من لا يملك لمن لايستحق.
3-لايذكر التصريح العرب وذكر عبارة غير اليهود في فلسطين وكان العرب 93% واليهود7%.
4-كان التصريح كتاب سري مكتوم عن العرب سربته الثورة البلشيقية في روسا كما سربت معاهدة سايكس بيكو.
5-روتشلد الموجه اليه التصريح لم يكن ذا صفة دولية وانما كان احد أغنياء اليهود.
6-التصريح يتناقض مع محادثات الشريف حسين.
7-فلسطين للعرب قبل أن يصلها اليهود فوصلها الكنعانيين وأستقروا فيها قبل الاف السنين من وصول اليهود اليها.
كما يلاحظ ايضاً بأن اعتراف بريطانيا في التصريح بأن يهود العالم يشكلون شعباً هذا مغاير للحقيقة فهم غير متجانسين لا لغوياً ولا ثقافياً ولا عرقياً.
وتمت الاشارة الى سكان فلسطين بالطوائف غير اليهودية وكأنهم اقلية عرقية يعيشون ضمن أكثرية يهودية.
واعترفت بريطانيا بحقوق دينية ومدينة فقط للشعب الفلسطيني دون الحقوق السياسية.


د. منصور أبوموسى