الأحد، 15 مايو 2011

خلفية الاعتراف الامريكي بالدولة اليهودية

اذا نظرنا الى كيفية قيام الدولة اليهودية نجدها مخالة للقانون في كل مرحلة من مراحل تكوينها فمثلا جاء تقسيم فلسطين مخالفا لحق تقرير المصير ومتحديا الارادة الاكثرية الساحقة من سكان فلسطين وعندما طالب الجانب العربي احالة هذه النقطة القانونية الى محكمة العدل الدولية لابداء رأيها حول قانونية التقسيم تدخلت الولايات المتحدة الامريكية بكل ثقلها وحالت دون احالة الموضوع الى محكمة العدل الدولية واعترفهاباسرائيل هو اول اعتراف حظيت به اسرائيل.
ونجد ان البيت الابيض تعرض الى ضغوط عنيفة من رجال الحركة الصيونية في الولايات المتحدة وكان الرئيس تيرومان يتجاوب مع هذه الضغوط وزيادة في الضغط تلقى رسالة من حاييم وايزمان فاستدعى مستشاره كلارك كليفورد الذي حبذ الاعتراف وهنا وفوضه ان يطلب من الوكالة اليهودية طلبا رسميا بالاعتراف كان هذا في 14 مايو 1948م قبل قيام دولة اسرائيل وطلب كليفور من الياهو ايلات مسئول الوكالة اليهودية بواشنطن ان تصله بسرعة رسالة تطلب الاعتراف بالدولة الاسرائيلية من قبل الولايات المتحدة الامريكية.
لكن الدولة لم تعلن ولا يعرف ماذاسيكون اسمها ولم يعرف ايلات ماذا سيكتب فاستدعى بنجامين كوهين وهو يعمل مستشار في وزارة الخارجية الأمريكية لمساعدته في صياغة الكتاب وجاء كوهين من اجل صياغة طلب الاعتراف بدولة لمتكن قائمة ولم تكن قد اتخذ لها اسما لكن لابد من اسم للدولة يوضع في الطلب و ايلات لا يعرف الاسم وكان الحل الوحيد هو استخدام ما جاء في قرار التقسيم ووقع على طلب ايلات الذي أطلق على نفسه اسم " وكيل الحكومة المؤقتة للدولة اليهودية " ووقع الكتاب نيابة عن حكومة غير قائمة وهو شخص غير مفوض وقبل ان يصل طلب الاعتراف الى البيت الأبيض سمع ايلات عن طريق المذياع ان قيادته أعلنت دولة أطلقت عليها اسم " دولة إسرائيل " وتم ذلك في سرية كاملة.
وبذلك يكون اليهود عندما اعلنوا دولتهم قاموا بذلك متجاهلين قرار مجلس الامن رقم 46بتاريخ17 ابريل 1948م والذي يدعو جميع المنظمات الفلسطينية بان تمتنع من اتخاذ أي حركة سياسية قد تجحف أي من الجاليتين وطالباتهما ومواقفها الى ان تعالج الجمعية العامة من جديد مستقبل حكومة فلسطين ايضا طلب الرئيس الامريكي ترومان برسالة الاعتراف كان بحد ذاتها مخالفة صريحة لهذا القرار الذي صوتت الى جانبه الولايات المتحدة ذاتها.
والاعتراف الأمريكي بإسرائيل هو اعتراف غير شرعي ولا اساس قانوني له فهو اعتراف بدولة هي نفسها لا اساس قانوني له فهو اعتراف بدولة هي نفسها لا اساس قانوني لها وبعد الاعتراف لم تلتزم بحدود التقسيم كما التزمت في طلب الاعتراف بل اخذت ترتكب مخالفات كثيرة لقرارات الامم المتحدة الى ان احتلت كامل فلسطين وتشريد اكثرية الشعب الفلسطيني وسكوت الولايات المتحدة الامريكية عن تنفيذ قرارات تتبناها يجعل منها شريكا مسئولا عن سلوك إسرائيل الذي تبع الاعتراف خصوصا وان السلطات الاسرائيلية قد امدت في طلب الاعتراف ان الدولة اليهودية ستصبح جمهورية مستقلة " ضمن الحدود التي اقرتها الجمعية العامة للامم المتحدة في قرارها " قرار التقسيم "الصادر في 29 نوفمبر 1947م.
هذا التوسع الاسرائيلي يبين لماذا تخوف العرب من اقامة دولة يهودية على أرضهم ولماذا طلبوا بإيجاد دولة علمانية عربية يهودية في فلسطين او ما يشابه الكانتونات التي تقوم عليها دولة سويسرا الا ان حاييم وايزمان تصدى لهذه الفكرة وحاربها في الامم المتحدة حيث قال ان هناك جالية يهودية في فلسطبن عددها 700000 سبعمائة الف لها لغتها ولها دينها ولها تقاليدها ولها وضعها الاجتماعي المميز ولها انجازاتها العلمية والصناعية والزراعية ولها مدارسها وجامعاتها.
لاكن ما هي خلفية السبعمائة الف يهودي هؤلاء ويمكن تقسيمهم الى اربع فئات:
1- اليهود الذين استوطنوا فلسطين لأكثر من عشرين عامل قبل التقدم بالقضية الى الامم المتحدة عام 1947م.
2- اليهود الذين سكنوا فلسطين حسب قانون الانتداب الذي وضع انظمة الهجرة بموجبه اصبحوا مواطنين فلسطينيين.
3- هي هؤلاء الذين دخلوا حسب قوانين الهجرة ولم يصبحوا مواطنين.
4- اليهود الذين دخلوا فلسطين بصورة غير مشروعة.
وحسب الاحصاء البريطاني الرسمي لم يكن في عام 1947م الا 250الف يهودي يحملون الجنسية الفلسطينية ولهؤلاء يصر وايزمان على انشاء دولة يهودية لهم ضد رغبة ما يزيد عن مليون ونصف مليون فلسطيني كانوا يسكنون قلسطين عام 1947م وهم سكان البلاد الاصليون
واذا طبقنا هذا المنطق الصهيوني الذي جاء به وايزمان نجد ان هناك الان في اسرائيل شعب يزيد عن سبعمائة الف فلسطيني لهذا الشعب لغته ودينه وتقاليده ومدارسه وجامعاته وتنظيماته المميزة لا يوجد ايه خصائص مميزة مشاركة له مع الجالية اليهودية وحسب ما يقوله وايزمان على الإسرائيليين ان يقرروا اما ان تقوم دولة علمانية تجمع اليهود وغيرهم في فلسطين أي العرب واليهود واما ان تلتزم بتفكير وايزمان وان يترك " لعرب إسرائيل " ان يمارسوا حق تقرير المصير والاشارة هنا الى الفلسطينيين الذين بقوا في فلسطين المحتلة بعد حرب 1948م لا الى باقي سكان الضفة الغربية وقطاع غزة وباقي الشعب الفلسطيني.

قيام دولة اسرائيل ومحاولة الغاء الشعب الفلسطيني

اسرائيل هي نقيض الشعب الفلسطيني وما كان لها ان تقام وتؤسس الا بطرد هذا الشعب واحلال مهاجرين غرباء محلة بتعبير اخر ان قيام اسرائيل يتطلب مصادرة اراضي الشعب الفلسطيني واحتلالها عنوة فضلا عن مصادرة سائر امواله وممتلكاته ومقومات وجوده كشعب له حق التعبير عن قراره وحق التمتع بحرياته الاساسية.
وهذه الحقيقة لم تكن خافية او غائبة عن مفكري الحركة الصهيونية ومنفذي سياستها في فلسطين ذلك ان تحقيق اهداف الحركة الصهيونية بانشاء كيان للصهيونيين في فلسطين لم يكن ممكنا دون الغاء وجود الشعب الفلسطيني فقد كتب تيدورهرتزل مؤسس الحركة الصهيونية في يومياته بتاريخ 12 يونيو 1895م الاتي :
" عندما نحتل البلاد سنعمل سريعا على افادة الدولة التي ستأخذنا ويجب ان نستخلص ملكية الارض التي ستعطى لنا ولكن باللطف وبالتدريج واصحاب الاملاك سيكونون في جانبنا ويجب ان نعمل على ايهام اصحاب الاملاك انهم يخدعوننا ببيعهم الاشياء باكثر مما تساوي اما نحن فلن نبيعهم شيئا وسيكون استخلاص الاملاك عن طيب خاطر مهمة عملائنا السريين "
وبعد قيام اسرائيل كان لابد للصهيونية من ان تحاول طمس اية اشارة لفلسطين او للشعب الفلسطيني فقيام اسرائيل ليست جريمة عادية و فردية يمكن ان تمر وتسقط وتمحى بالتقادم او بمرور الزمن بل هي مجموعة من الجرائم المركبة المستمرة بحق شعب باكمله وهي جرائم سياسية وانسانية وهي الى ذلك لا تخالف القانون فحسب ولكنها تخالف المبادئ والاخلاق وهي جريمة بحق البشرية.
وبما ان ارض فلسطين هي مسرح الجريمة والشعب الفلسطيني هو الضحية كان لابد من الغاء اية اشارة تشير الى فلسطين او الى الشعب الفلسطيني او على الاقل طمسها ذلك ان هذه الاشارة هي اشارة الى الجريمة وبذلك لابد من ان تدل او تذكر من قريب او بعيد بدرجة او باخرى بالجرائم المرتكبة وبفظاعتها او على الاقل تثير تساؤلا في الذهن حولها.
من سعت الصهيونية كما سعت حليفتها الاولى الولايات المتحدة الامريكية للاجهاز على هوية الشعب الفلسطيني بتوطينه في مجتمعات اخرى بحيث يتم دمجه نهائيا مع غيره سواء في شبه جزيرة سيناء او في اراضي الجزيرة شمال سورية او شرقي الاردن ومن هنا كانت اغراءات تهجيره الى الولايات المتحدة وكندا واستراليا والمانيا الغربية وكذلك الى السويد والدنمرك.
حتى اسم فلسطين وما يمكن ان يطرح من تساؤلات في الوعي او اللاوعي كان لابد من طمسه ومن هنا اخترعت الصهيونية تعبيرا يحل محل " قضية فلسطين " وصاغت تعبيرا غامضا اخر وهو " قضية الشرق الاوسط " لطمس حقيقة قضية فلسطين ومحو معالمها واصولها الكلية ولكثرة استعمال هذا التعبير تفشى استعماله لدينا نحن العرب واصبحنا نكرره بسذاجة وجهل دون ان ننظر الى القصد من ورائه.
ولقد جاءت بعض من الدول العربية في بعض المراحل هذه الرغبة الاسرائيلية والامريكية بطمس الاشارة الى فلسطين والى الشعب الفلسطيني.
ويجتهد الاسرائيليون الى تجنب الاشارة الى فلسطين او الى الشعب الفلسطيني بل انهم يحاولون انكار وجود هذا الشعب حتى استطاعوا فعندما تم السؤال جولدامائير رئيسة الوزراء الاسرائيلي عام 1969م عن الفلسطينيين اجابت بقولها " انه لم يكن ما يمكن ان يسمى بالفلسطينيين انهم لم يوجدوا ".
وعلى صعيد السياسة الدولية نجحت اسرائيل بدعم من الولايات المتحدة الامريكية في شطب قضية فلسطين كبند مستقل في جدول اعمال الامم المتحدة في مطلع الخمسينات وحتى عام 1974م.
ومن الطبيعي ان تمتد محاولات الطمس والالغاء على الصعيدين السياسي والاعلامي الى محاولات طمس الاشارة الى جميع منجزات الشعب الفلسطيني الحضارية والثقافية عبر تاريخه.

تأثير القضية الفلسطينية في قيام الجامعة العربية

كان قيام الجامعة العربية وليد مشاورات الوحدة العربية التي دعا اليها رئيس الحكومة المصرية مصطفى النحاس عام 1943م واشتركت فيها مصر والعراق وشرقي الاردن وسوريا ولبنان والمملكة العربية السعودية وهي الدول العربية المستقلة وشبه المستقلة آنذاك وقد تم توقيع ميثاق الجامعة العربية في القاهرة في 22 مارس 1945م.
وكانت بريطانيا لدى تصريح وزير خارجيتها الصادر 24 شباط 1943م " انطوني ايدن "والذي جاء فيه " ان الحكومة البريطانية تحبذ ظهور مبادرة في سبيل الوحدة العربية تؤدي الى تعزيز التعاون الثقافي والاقتصادي والسياسي بين الدول العربية على ان تبرز هذه المبادرة من الدول العربية " وكانت بريطانيا آنذاك تتولى الامن الخارجي وتشرف على الامن الداخلي لأكثر اقطار المشرق العربي ومن ضمنها فلسطين " الانتداب البريطاني على فلسطين".
ولدى نشوب الحرب العالمية الثانية عام 1939م كانت الاقطار العربية المتعاهدة مع بريطانيا والخاضعة لانتدابها او لاستعمارها او لنفوذها ملزنة بالوقوف في صف بريطانيا لكن مصر اعتمدت سياسة الحياد وكان الملك فاروق ورئيس حكومته علي ماهر مهندسي هذه السياسة وكان لموقف مصر الحيادي تأثيره على سائر الشعوب العربية وانتشرت روح النضال في مختلف ارجاء البلاد العربية.
ولم يكن بوسع الحكومات العربية ان تتشاور في مثل هذه الظروف حول الوحدة العربية الا بموافقة بريطانيا او بتشجيع منها وهذا ما حمل منتقدي الجامعة العربية داخل الوطن العربي وخارجه على تصور الجامعة العربية اداه للسياسة البريطانية وقال عنها الاتحاد السوفييتي انها اداة استعمارية معادية له ووقف ضد العرب لدى التصويت على مشروع تقسيم فلسطين في الامم المتحدة في نوفمبر 1947م كما اتخذ موقفا شاجبا للدول العربية في حربها الاولى مع اسرائيل 1948م.
والحقيقة ان الجامعة انشأت " استجابة للرأي العربي العام في جميع الاقطار العربية " وجاء في ميثاقها ان الرأي العام العربي يحمل بريطانيا وحليفتها فرنسا مسئولية تقسيم الولايات العربية المنسلخة عن السلطنة العثمانية بعد الحرب العالمية الاولى وكان يحمل بريطانيا سياسة تهويد فلسطين فكان الاتجاه الى الحياد او الى التعاطف مع دول المحور وليد الشعور بظلم السياسة البريطانية للعرب مصورة عامة ولعرب فلسطين بصورة خاصة فجاء تحبيذ بريطانيا الوحدة العربية محاولة لاكتساب الرأي العام العربي وكان قد نادى الامير عبد الله امير الاردن بمشروع سوريا الكبرى بضم الاردن وسوريا ولبنان وفلسطين الى عرشه الهاشمي كما دعا رئيس حكومة العراق نوري السعيد لتوحيد بلاد الهلال الخصيب وكان المشروعان سوريا الكبرى والهلال الخصيب يتضمنان حلا لقضية فلسطين في نطاق عربي وجرت مراعاة المشاريع الاخرى فيما نصت عليه المبادرة التاسعة لميثاق الجامعة العربية من ان " لدول الجامعة العربية فيما بينها في تعاون اوثق وروابط اقوى مما نص عليه هذا الميثاق ان تعقد بينها من الاتفاقات ما تشاء لتحقيق هذه الاغراض.
وكان توسيع نطاق المشروع التوحيدي يستهوي الرأي العام العربي ويستقطب القادة العرب المعارضين لمشروعي سوريا الكبرى والهلال الخصيب ويتفق مع سياسة بريطانيا لما بعد الحرب لصون نفوذها في المنطقة تجاه الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الامريكية وكان عرب فلسطين يشعرون ان دولهم العربية المتحدة في الجامعة ستكون درعهم الواقي من الخطر الصهيوني على الصعد القومية والاقليمية والدولية وان الجامعة ستكون خطوة في طريق الوحدة.
فكانوا في طليعة الساعيين لقيامها والمتحمسين لإعلانها وعبر عن شعورهم هذا موسى العلمي مندوب فلسطين في مشاورات الوحدة في بيانه امام المؤتمر العربي التحضيري للميثاق.ولاكن العلمي اصيب بالخيبة بعد اعتماد الميثاق في نصه النهائي ونسب اليه الموظف والتر سمارت الموظف في السفارة البريطانية انه قال بعد يوم واحد من اعلان الميثاق: " ...... ان الجامعة العربية مسخت ناديا للنقاش ..." وساء العلمي ان لا تقبل فلسطين منذ البدء عضوا كامل العضوية في مجلس الجامعة.