الأحد، 15 مايو 2011

تأثير القضية الفلسطينية في قيام الجامعة العربية

كان قيام الجامعة العربية وليد مشاورات الوحدة العربية التي دعا اليها رئيس الحكومة المصرية مصطفى النحاس عام 1943م واشتركت فيها مصر والعراق وشرقي الاردن وسوريا ولبنان والمملكة العربية السعودية وهي الدول العربية المستقلة وشبه المستقلة آنذاك وقد تم توقيع ميثاق الجامعة العربية في القاهرة في 22 مارس 1945م.
وكانت بريطانيا لدى تصريح وزير خارجيتها الصادر 24 شباط 1943م " انطوني ايدن "والذي جاء فيه " ان الحكومة البريطانية تحبذ ظهور مبادرة في سبيل الوحدة العربية تؤدي الى تعزيز التعاون الثقافي والاقتصادي والسياسي بين الدول العربية على ان تبرز هذه المبادرة من الدول العربية " وكانت بريطانيا آنذاك تتولى الامن الخارجي وتشرف على الامن الداخلي لأكثر اقطار المشرق العربي ومن ضمنها فلسطين " الانتداب البريطاني على فلسطين".
ولدى نشوب الحرب العالمية الثانية عام 1939م كانت الاقطار العربية المتعاهدة مع بريطانيا والخاضعة لانتدابها او لاستعمارها او لنفوذها ملزنة بالوقوف في صف بريطانيا لكن مصر اعتمدت سياسة الحياد وكان الملك فاروق ورئيس حكومته علي ماهر مهندسي هذه السياسة وكان لموقف مصر الحيادي تأثيره على سائر الشعوب العربية وانتشرت روح النضال في مختلف ارجاء البلاد العربية.
ولم يكن بوسع الحكومات العربية ان تتشاور في مثل هذه الظروف حول الوحدة العربية الا بموافقة بريطانيا او بتشجيع منها وهذا ما حمل منتقدي الجامعة العربية داخل الوطن العربي وخارجه على تصور الجامعة العربية اداه للسياسة البريطانية وقال عنها الاتحاد السوفييتي انها اداة استعمارية معادية له ووقف ضد العرب لدى التصويت على مشروع تقسيم فلسطين في الامم المتحدة في نوفمبر 1947م كما اتخذ موقفا شاجبا للدول العربية في حربها الاولى مع اسرائيل 1948م.
والحقيقة ان الجامعة انشأت " استجابة للرأي العربي العام في جميع الاقطار العربية " وجاء في ميثاقها ان الرأي العام العربي يحمل بريطانيا وحليفتها فرنسا مسئولية تقسيم الولايات العربية المنسلخة عن السلطنة العثمانية بعد الحرب العالمية الاولى وكان يحمل بريطانيا سياسة تهويد فلسطين فكان الاتجاه الى الحياد او الى التعاطف مع دول المحور وليد الشعور بظلم السياسة البريطانية للعرب مصورة عامة ولعرب فلسطين بصورة خاصة فجاء تحبيذ بريطانيا الوحدة العربية محاولة لاكتساب الرأي العام العربي وكان قد نادى الامير عبد الله امير الاردن بمشروع سوريا الكبرى بضم الاردن وسوريا ولبنان وفلسطين الى عرشه الهاشمي كما دعا رئيس حكومة العراق نوري السعيد لتوحيد بلاد الهلال الخصيب وكان المشروعان سوريا الكبرى والهلال الخصيب يتضمنان حلا لقضية فلسطين في نطاق عربي وجرت مراعاة المشاريع الاخرى فيما نصت عليه المبادرة التاسعة لميثاق الجامعة العربية من ان " لدول الجامعة العربية فيما بينها في تعاون اوثق وروابط اقوى مما نص عليه هذا الميثاق ان تعقد بينها من الاتفاقات ما تشاء لتحقيق هذه الاغراض.
وكان توسيع نطاق المشروع التوحيدي يستهوي الرأي العام العربي ويستقطب القادة العرب المعارضين لمشروعي سوريا الكبرى والهلال الخصيب ويتفق مع سياسة بريطانيا لما بعد الحرب لصون نفوذها في المنطقة تجاه الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الامريكية وكان عرب فلسطين يشعرون ان دولهم العربية المتحدة في الجامعة ستكون درعهم الواقي من الخطر الصهيوني على الصعد القومية والاقليمية والدولية وان الجامعة ستكون خطوة في طريق الوحدة.
فكانوا في طليعة الساعيين لقيامها والمتحمسين لإعلانها وعبر عن شعورهم هذا موسى العلمي مندوب فلسطين في مشاورات الوحدة في بيانه امام المؤتمر العربي التحضيري للميثاق.ولاكن العلمي اصيب بالخيبة بعد اعتماد الميثاق في نصه النهائي ونسب اليه الموظف والتر سمارت الموظف في السفارة البريطانية انه قال بعد يوم واحد من اعلان الميثاق: " ...... ان الجامعة العربية مسخت ناديا للنقاش ..." وساء العلمي ان لا تقبل فلسطين منذ البدء عضوا كامل العضوية في مجلس الجامعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق