الأحد، 15 مايو 2011

خلفية الاعتراف الامريكي بالدولة اليهودية

اذا نظرنا الى كيفية قيام الدولة اليهودية نجدها مخالة للقانون في كل مرحلة من مراحل تكوينها فمثلا جاء تقسيم فلسطين مخالفا لحق تقرير المصير ومتحديا الارادة الاكثرية الساحقة من سكان فلسطين وعندما طالب الجانب العربي احالة هذه النقطة القانونية الى محكمة العدل الدولية لابداء رأيها حول قانونية التقسيم تدخلت الولايات المتحدة الامريكية بكل ثقلها وحالت دون احالة الموضوع الى محكمة العدل الدولية واعترفهاباسرائيل هو اول اعتراف حظيت به اسرائيل.
ونجد ان البيت الابيض تعرض الى ضغوط عنيفة من رجال الحركة الصيونية في الولايات المتحدة وكان الرئيس تيرومان يتجاوب مع هذه الضغوط وزيادة في الضغط تلقى رسالة من حاييم وايزمان فاستدعى مستشاره كلارك كليفورد الذي حبذ الاعتراف وهنا وفوضه ان يطلب من الوكالة اليهودية طلبا رسميا بالاعتراف كان هذا في 14 مايو 1948م قبل قيام دولة اسرائيل وطلب كليفور من الياهو ايلات مسئول الوكالة اليهودية بواشنطن ان تصله بسرعة رسالة تطلب الاعتراف بالدولة الاسرائيلية من قبل الولايات المتحدة الامريكية.
لكن الدولة لم تعلن ولا يعرف ماذاسيكون اسمها ولم يعرف ايلات ماذا سيكتب فاستدعى بنجامين كوهين وهو يعمل مستشار في وزارة الخارجية الأمريكية لمساعدته في صياغة الكتاب وجاء كوهين من اجل صياغة طلب الاعتراف بدولة لمتكن قائمة ولم تكن قد اتخذ لها اسما لكن لابد من اسم للدولة يوضع في الطلب و ايلات لا يعرف الاسم وكان الحل الوحيد هو استخدام ما جاء في قرار التقسيم ووقع على طلب ايلات الذي أطلق على نفسه اسم " وكيل الحكومة المؤقتة للدولة اليهودية " ووقع الكتاب نيابة عن حكومة غير قائمة وهو شخص غير مفوض وقبل ان يصل طلب الاعتراف الى البيت الأبيض سمع ايلات عن طريق المذياع ان قيادته أعلنت دولة أطلقت عليها اسم " دولة إسرائيل " وتم ذلك في سرية كاملة.
وبذلك يكون اليهود عندما اعلنوا دولتهم قاموا بذلك متجاهلين قرار مجلس الامن رقم 46بتاريخ17 ابريل 1948م والذي يدعو جميع المنظمات الفلسطينية بان تمتنع من اتخاذ أي حركة سياسية قد تجحف أي من الجاليتين وطالباتهما ومواقفها الى ان تعالج الجمعية العامة من جديد مستقبل حكومة فلسطين ايضا طلب الرئيس الامريكي ترومان برسالة الاعتراف كان بحد ذاتها مخالفة صريحة لهذا القرار الذي صوتت الى جانبه الولايات المتحدة ذاتها.
والاعتراف الأمريكي بإسرائيل هو اعتراف غير شرعي ولا اساس قانوني له فهو اعتراف بدولة هي نفسها لا اساس قانوني له فهو اعتراف بدولة هي نفسها لا اساس قانوني لها وبعد الاعتراف لم تلتزم بحدود التقسيم كما التزمت في طلب الاعتراف بل اخذت ترتكب مخالفات كثيرة لقرارات الامم المتحدة الى ان احتلت كامل فلسطين وتشريد اكثرية الشعب الفلسطيني وسكوت الولايات المتحدة الامريكية عن تنفيذ قرارات تتبناها يجعل منها شريكا مسئولا عن سلوك إسرائيل الذي تبع الاعتراف خصوصا وان السلطات الاسرائيلية قد امدت في طلب الاعتراف ان الدولة اليهودية ستصبح جمهورية مستقلة " ضمن الحدود التي اقرتها الجمعية العامة للامم المتحدة في قرارها " قرار التقسيم "الصادر في 29 نوفمبر 1947م.
هذا التوسع الاسرائيلي يبين لماذا تخوف العرب من اقامة دولة يهودية على أرضهم ولماذا طلبوا بإيجاد دولة علمانية عربية يهودية في فلسطين او ما يشابه الكانتونات التي تقوم عليها دولة سويسرا الا ان حاييم وايزمان تصدى لهذه الفكرة وحاربها في الامم المتحدة حيث قال ان هناك جالية يهودية في فلسطبن عددها 700000 سبعمائة الف لها لغتها ولها دينها ولها تقاليدها ولها وضعها الاجتماعي المميز ولها انجازاتها العلمية والصناعية والزراعية ولها مدارسها وجامعاتها.
لاكن ما هي خلفية السبعمائة الف يهودي هؤلاء ويمكن تقسيمهم الى اربع فئات:
1- اليهود الذين استوطنوا فلسطين لأكثر من عشرين عامل قبل التقدم بالقضية الى الامم المتحدة عام 1947م.
2- اليهود الذين سكنوا فلسطين حسب قانون الانتداب الذي وضع انظمة الهجرة بموجبه اصبحوا مواطنين فلسطينيين.
3- هي هؤلاء الذين دخلوا حسب قوانين الهجرة ولم يصبحوا مواطنين.
4- اليهود الذين دخلوا فلسطين بصورة غير مشروعة.
وحسب الاحصاء البريطاني الرسمي لم يكن في عام 1947م الا 250الف يهودي يحملون الجنسية الفلسطينية ولهؤلاء يصر وايزمان على انشاء دولة يهودية لهم ضد رغبة ما يزيد عن مليون ونصف مليون فلسطيني كانوا يسكنون قلسطين عام 1947م وهم سكان البلاد الاصليون
واذا طبقنا هذا المنطق الصهيوني الذي جاء به وايزمان نجد ان هناك الان في اسرائيل شعب يزيد عن سبعمائة الف فلسطيني لهذا الشعب لغته ودينه وتقاليده ومدارسه وجامعاته وتنظيماته المميزة لا يوجد ايه خصائص مميزة مشاركة له مع الجالية اليهودية وحسب ما يقوله وايزمان على الإسرائيليين ان يقرروا اما ان تقوم دولة علمانية تجمع اليهود وغيرهم في فلسطين أي العرب واليهود واما ان تلتزم بتفكير وايزمان وان يترك " لعرب إسرائيل " ان يمارسوا حق تقرير المصير والاشارة هنا الى الفلسطينيين الذين بقوا في فلسطين المحتلة بعد حرب 1948م لا الى باقي سكان الضفة الغربية وقطاع غزة وباقي الشعب الفلسطيني.

قيام دولة اسرائيل ومحاولة الغاء الشعب الفلسطيني

اسرائيل هي نقيض الشعب الفلسطيني وما كان لها ان تقام وتؤسس الا بطرد هذا الشعب واحلال مهاجرين غرباء محلة بتعبير اخر ان قيام اسرائيل يتطلب مصادرة اراضي الشعب الفلسطيني واحتلالها عنوة فضلا عن مصادرة سائر امواله وممتلكاته ومقومات وجوده كشعب له حق التعبير عن قراره وحق التمتع بحرياته الاساسية.
وهذه الحقيقة لم تكن خافية او غائبة عن مفكري الحركة الصهيونية ومنفذي سياستها في فلسطين ذلك ان تحقيق اهداف الحركة الصهيونية بانشاء كيان للصهيونيين في فلسطين لم يكن ممكنا دون الغاء وجود الشعب الفلسطيني فقد كتب تيدورهرتزل مؤسس الحركة الصهيونية في يومياته بتاريخ 12 يونيو 1895م الاتي :
" عندما نحتل البلاد سنعمل سريعا على افادة الدولة التي ستأخذنا ويجب ان نستخلص ملكية الارض التي ستعطى لنا ولكن باللطف وبالتدريج واصحاب الاملاك سيكونون في جانبنا ويجب ان نعمل على ايهام اصحاب الاملاك انهم يخدعوننا ببيعهم الاشياء باكثر مما تساوي اما نحن فلن نبيعهم شيئا وسيكون استخلاص الاملاك عن طيب خاطر مهمة عملائنا السريين "
وبعد قيام اسرائيل كان لابد للصهيونية من ان تحاول طمس اية اشارة لفلسطين او للشعب الفلسطيني فقيام اسرائيل ليست جريمة عادية و فردية يمكن ان تمر وتسقط وتمحى بالتقادم او بمرور الزمن بل هي مجموعة من الجرائم المركبة المستمرة بحق شعب باكمله وهي جرائم سياسية وانسانية وهي الى ذلك لا تخالف القانون فحسب ولكنها تخالف المبادئ والاخلاق وهي جريمة بحق البشرية.
وبما ان ارض فلسطين هي مسرح الجريمة والشعب الفلسطيني هو الضحية كان لابد من الغاء اية اشارة تشير الى فلسطين او الى الشعب الفلسطيني او على الاقل طمسها ذلك ان هذه الاشارة هي اشارة الى الجريمة وبذلك لابد من ان تدل او تذكر من قريب او بعيد بدرجة او باخرى بالجرائم المرتكبة وبفظاعتها او على الاقل تثير تساؤلا في الذهن حولها.
من سعت الصهيونية كما سعت حليفتها الاولى الولايات المتحدة الامريكية للاجهاز على هوية الشعب الفلسطيني بتوطينه في مجتمعات اخرى بحيث يتم دمجه نهائيا مع غيره سواء في شبه جزيرة سيناء او في اراضي الجزيرة شمال سورية او شرقي الاردن ومن هنا كانت اغراءات تهجيره الى الولايات المتحدة وكندا واستراليا والمانيا الغربية وكذلك الى السويد والدنمرك.
حتى اسم فلسطين وما يمكن ان يطرح من تساؤلات في الوعي او اللاوعي كان لابد من طمسه ومن هنا اخترعت الصهيونية تعبيرا يحل محل " قضية فلسطين " وصاغت تعبيرا غامضا اخر وهو " قضية الشرق الاوسط " لطمس حقيقة قضية فلسطين ومحو معالمها واصولها الكلية ولكثرة استعمال هذا التعبير تفشى استعماله لدينا نحن العرب واصبحنا نكرره بسذاجة وجهل دون ان ننظر الى القصد من ورائه.
ولقد جاءت بعض من الدول العربية في بعض المراحل هذه الرغبة الاسرائيلية والامريكية بطمس الاشارة الى فلسطين والى الشعب الفلسطيني.
ويجتهد الاسرائيليون الى تجنب الاشارة الى فلسطين او الى الشعب الفلسطيني بل انهم يحاولون انكار وجود هذا الشعب حتى استطاعوا فعندما تم السؤال جولدامائير رئيسة الوزراء الاسرائيلي عام 1969م عن الفلسطينيين اجابت بقولها " انه لم يكن ما يمكن ان يسمى بالفلسطينيين انهم لم يوجدوا ".
وعلى صعيد السياسة الدولية نجحت اسرائيل بدعم من الولايات المتحدة الامريكية في شطب قضية فلسطين كبند مستقل في جدول اعمال الامم المتحدة في مطلع الخمسينات وحتى عام 1974م.
ومن الطبيعي ان تمتد محاولات الطمس والالغاء على الصعيدين السياسي والاعلامي الى محاولات طمس الاشارة الى جميع منجزات الشعب الفلسطيني الحضارية والثقافية عبر تاريخه.

تأثير القضية الفلسطينية في قيام الجامعة العربية

كان قيام الجامعة العربية وليد مشاورات الوحدة العربية التي دعا اليها رئيس الحكومة المصرية مصطفى النحاس عام 1943م واشتركت فيها مصر والعراق وشرقي الاردن وسوريا ولبنان والمملكة العربية السعودية وهي الدول العربية المستقلة وشبه المستقلة آنذاك وقد تم توقيع ميثاق الجامعة العربية في القاهرة في 22 مارس 1945م.
وكانت بريطانيا لدى تصريح وزير خارجيتها الصادر 24 شباط 1943م " انطوني ايدن "والذي جاء فيه " ان الحكومة البريطانية تحبذ ظهور مبادرة في سبيل الوحدة العربية تؤدي الى تعزيز التعاون الثقافي والاقتصادي والسياسي بين الدول العربية على ان تبرز هذه المبادرة من الدول العربية " وكانت بريطانيا آنذاك تتولى الامن الخارجي وتشرف على الامن الداخلي لأكثر اقطار المشرق العربي ومن ضمنها فلسطين " الانتداب البريطاني على فلسطين".
ولدى نشوب الحرب العالمية الثانية عام 1939م كانت الاقطار العربية المتعاهدة مع بريطانيا والخاضعة لانتدابها او لاستعمارها او لنفوذها ملزنة بالوقوف في صف بريطانيا لكن مصر اعتمدت سياسة الحياد وكان الملك فاروق ورئيس حكومته علي ماهر مهندسي هذه السياسة وكان لموقف مصر الحيادي تأثيره على سائر الشعوب العربية وانتشرت روح النضال في مختلف ارجاء البلاد العربية.
ولم يكن بوسع الحكومات العربية ان تتشاور في مثل هذه الظروف حول الوحدة العربية الا بموافقة بريطانيا او بتشجيع منها وهذا ما حمل منتقدي الجامعة العربية داخل الوطن العربي وخارجه على تصور الجامعة العربية اداه للسياسة البريطانية وقال عنها الاتحاد السوفييتي انها اداة استعمارية معادية له ووقف ضد العرب لدى التصويت على مشروع تقسيم فلسطين في الامم المتحدة في نوفمبر 1947م كما اتخذ موقفا شاجبا للدول العربية في حربها الاولى مع اسرائيل 1948م.
والحقيقة ان الجامعة انشأت " استجابة للرأي العربي العام في جميع الاقطار العربية " وجاء في ميثاقها ان الرأي العام العربي يحمل بريطانيا وحليفتها فرنسا مسئولية تقسيم الولايات العربية المنسلخة عن السلطنة العثمانية بعد الحرب العالمية الاولى وكان يحمل بريطانيا سياسة تهويد فلسطين فكان الاتجاه الى الحياد او الى التعاطف مع دول المحور وليد الشعور بظلم السياسة البريطانية للعرب مصورة عامة ولعرب فلسطين بصورة خاصة فجاء تحبيذ بريطانيا الوحدة العربية محاولة لاكتساب الرأي العام العربي وكان قد نادى الامير عبد الله امير الاردن بمشروع سوريا الكبرى بضم الاردن وسوريا ولبنان وفلسطين الى عرشه الهاشمي كما دعا رئيس حكومة العراق نوري السعيد لتوحيد بلاد الهلال الخصيب وكان المشروعان سوريا الكبرى والهلال الخصيب يتضمنان حلا لقضية فلسطين في نطاق عربي وجرت مراعاة المشاريع الاخرى فيما نصت عليه المبادرة التاسعة لميثاق الجامعة العربية من ان " لدول الجامعة العربية فيما بينها في تعاون اوثق وروابط اقوى مما نص عليه هذا الميثاق ان تعقد بينها من الاتفاقات ما تشاء لتحقيق هذه الاغراض.
وكان توسيع نطاق المشروع التوحيدي يستهوي الرأي العام العربي ويستقطب القادة العرب المعارضين لمشروعي سوريا الكبرى والهلال الخصيب ويتفق مع سياسة بريطانيا لما بعد الحرب لصون نفوذها في المنطقة تجاه الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الامريكية وكان عرب فلسطين يشعرون ان دولهم العربية المتحدة في الجامعة ستكون درعهم الواقي من الخطر الصهيوني على الصعد القومية والاقليمية والدولية وان الجامعة ستكون خطوة في طريق الوحدة.
فكانوا في طليعة الساعيين لقيامها والمتحمسين لإعلانها وعبر عن شعورهم هذا موسى العلمي مندوب فلسطين في مشاورات الوحدة في بيانه امام المؤتمر العربي التحضيري للميثاق.ولاكن العلمي اصيب بالخيبة بعد اعتماد الميثاق في نصه النهائي ونسب اليه الموظف والتر سمارت الموظف في السفارة البريطانية انه قال بعد يوم واحد من اعلان الميثاق: " ...... ان الجامعة العربية مسخت ناديا للنقاش ..." وساء العلمي ان لا تقبل فلسطين منذ البدء عضوا كامل العضوية في مجلس الجامعة.

الاثنين، 15 مارس 2010

منهجيات البحث العلمي

اما المنهجيات فهي سياقات عمل وترتيب للأسبقيات يتبعها الباحث لانجاز البحث بأقل مايمكن من الهدر في الوقت والجهد والموارد وصولا الى أحسن وأدق النتائج، وقد ترسخت هذه السياقات عبر سنوات طويلة من البحث العلمي وهي لاتزال وستبقى في تطور مستمر.
ومن اول الخطوات القياسية ضمن هذه المنهجيات هي مبررات Justifications البحث، بمعنى ماهي الدوافع التي تجعلنا نفكر في انجاز هذا البحث، ويجب ان تكون مبررات موضوعية واضحة المعالم تحدد جدوى البحث. وتلي هذه الخطوات تحديد أهداف Aims واضحة ومحدده يريد ان يصل اليها الباحث لتحقق المبررات. عندئذ يستطيع الباحث تحديد متطلبات البحث من موارد بشرية وأجهزة ومختبرات ومواد مختبرية واستبيانات ووقت وموارد مالية وتحديد الجهات المستفيدة من البحث والجهات المقترحة لتمويله، وان توثيق هذه المتطلبات يعد من اهم الخطوات في منهجيات البحث. وعلى الباحث إجراء مسح شامل للدراسات التي تتعلق بالبحث وما حوله من مواضيع ذات علاقة لكي يبني تصورا شاملا عن الموضوع، ويوثق هذا المسح في فقرات خاصة بمراجع هذه الدراسات ضمن منهجية البحث للعودة الى هذه المرجع من قبل الباحث نفسه او من قبل المهتمين.
بعد توثيق هذه الفقرات في خطة بحث متكاملة، يتم عرض مشروع البحث في حلقات نقاشية مستفيضة مع ذوي الخبرة والاختصاص من الباحثين في المؤسسة العلمية التي يعمل فيها الباحث من اجل تشخيص السلبيات وتعميق الايجابيات وتقويم وتعديل الخطة لتلافي الخلل قبل وقوعه، عندئذ تصبح خطة البحث جاهزة لعرضها لصناع القرار والجهات المستفيدة لاحاطتهم علما بالمشروع البحثي لتمويلة ولمنع التقاطعات مع جهات أخرى ذات علاقة بموضوع البحث، بعد ذلك يتم إقرار البحث ضمن الخطة البحثية للقسم العلمي او المركز البحثي وتتم المصادقة عليها من قبل مجلس الكلية او الجامعة.
ان هذه المنهجيات هي ليست ضربا من ضروب الخيال، وإنما هي سياقات سلسة وممكنة التطبيق واعتمادها يسهل البحث ولا يضيف اليه أعباء جديدة بل انه يعمل كجهاز حماية للباحث يحميه من فقدان او نسيان مكون من مكونات البحث ويساعده على تدارك الخلل قبل وقوعه، ولكن للأسف اقول بان كثير من الخطوات القياسية في منهجيات البحث العلمي معطلة من قبل الكثير من الباحثين وليست جميعهم وهذه من اهم المشاكل التي تواجه البحث العلمي في جامعاتنا وهي اخطر من نقص الأجهزة والمواد وغيرها من المعوقات.
فموضوع البحث يختاره الباحث من بنات افكارة دون علم حتى مؤسسته او الجهات المستفيدة او جهات صنع القرار بل انه في بعض الأحيان لا توجد جهة مستفيدة أصلا. ثم ان في كثير من الأحيان لا احد يعلم بالبحث ولا موضوعة حتى ينشر وقد لا يعلم به احد حتى بعد النشر الا اللهم لجنة الترقيات العلمية. وهذا خلل كبير في منهجية البحث، فالمفروض أن يستمر الباحث بعرض ما أنجزه من البحث بعد بدء التنفيذ وبشكل دوري في حلقات نقاشية مع ذوي الاختصاص في المؤسسة لتلافي الإخفاقات، حينها ينجز البحث بأقل مايمكن من النقص وحينما يرسل للتقويم والتقييم والتصويب ستكون السلبيات قد عولجت سلفا لانها ستخضع للنقد في كل حلقة نقاشية ومن قبل اكثر من متخصص، ولكن هذه السياقات غير معتمده في مؤسساتنا وان اعتمدت فليس بمستوى الطموح، ومن هنا ومن هذا المنبر نوجه الدعوة الى قيادة الجامعة لتبني هذه المنهجيات وبشكل خاص اخضاع المشاريع البحثية لحلقت نقاشية وورش عمل بحثية قبل إقرارها واثناء استمرار العمل فيها وصولا الى بحث علمي رصين يعود بالفائدة إلى الجميع.
هناك توجه عالمي للعمل البحثي الجماعي حيث تشكل الفرق البحثية حسب متطلبات البحث والاختصاصات ذات العلاقة، والهدف من ذلك هو أحكام البحث من جميع الجهات. فليس المهم ان تظهر أسماء الباحثين على البحث فقط، المهم أن يؤدي البحث غرضه وينجز بأعلى ما يمكن من الدقة، وفي هذا المجال توجد مشكلة يمكن أن نطرحها أمام أصحاب القرار في الجامعة والوزارة، ففي الوقت الذي تتجه فيه الأكاديميات في العالم نحو العمل الجماعي حيث يصل عدد الباحثين أحيانا إلى أكثر من عشرة أشخاص في البحث الواحد، ولكن في العراق يحتسب البحث للباحثين الثلاثة الذين تظهر أسمائهم أولا في حين يهمل جهد الباحثين الآخرين سواء في الترقية العلمية أو تقييم أخر وهنا نؤكد الحاجة الى رفع هذا الشرط لفتح الباب أمام العمل الجماعي في البحث العلمي

السبت، 20 فبراير 2010

مفاهيم أخلاقيات البحث العلمي

تمهيد: يعد البحث العلمي من أهم الواجبات الملقاة على عاتق الجامعات من خلال الأقسام العلمية والمراكز البحثية والمختبرات التخصصية فيها، إضافة إلى دورها في تأهيل الكوادر العلمية وزجها في المجتمع للنهوض به، فالجامعات عيون على المجتمع لتشخيص مواطن الخلل وجذور المشاكل التي يعاني منها وبالتالي وضع السبل والخطط لدراستها وإيجاد الحلول الناجعة لها. وعلى مر السنين ومع تطور البحث العلمي أصبحت للبحث العلمي أعراف وأخلاقيات وطقوس ومنهجيات متعارف عليها يسير عليها الباحثين ويطورونها ويؤصلونها حتى أصبحت جزء من أخلاقهم وسلوكهم الشخصي، والحيود عنها يعد مثلبة كبيرة على الباحث.
قبل الخوض في مفهوم المنهجيات والتي هي أحدى أدوات البحث العلمي نود الكلام عن الأخلاقيات، فالباحث والعالم او الأكاديمي مؤتمن على علمه الذي هو هبة من عند الله، مؤتمن عليه لينفع به الناس، لا ينتفع به وحده وهذا يرتب عليه مسؤوليات شتى. فالباحث يجب ان يبحث لانجاز هدف معين يعود بفائدة للناس وإلا أصبح البحث عبثيا اذا كان لغرض البحث فقط او للترف العلمي، وهذا يعد هدرا وتبذيرا للموارد بدون طائل، كما يجب على الباحث ان يكون أمينا في نقل المعلومة عن الآخرين ولا يبخس بضاعة غيره من الباحثين في حقل عمله وان يكون نقده للجهد العلمي لغيره من الباحثين نقدا موضوعيا أمينا هادفا لا لأغراض التجريح او الانتقاص. وعلى الباحث أيضا ان يكون امينا في آليات البحث ابتدءا من جمع العينات المختبرية او الاستبيانات مرورا بالتحليلات المختبرية او الإحصائية او غيرها من المعالجات التي يجريها على البيانات وصولا الى عرض النتائج التي يتوصل إليها وعلى الباحث ان يكون حياديا ولا ينحاز لأهوائه الشخصية خلال مراحل البحث، لان هذه النتائج قد تعتمد من قبل آخرين لاتخاذ قرارات او انجاز أعمال تمس حياة الناس وبالتالي فان أي خطا من قبل الباحث سيدفع ثمنه الآخرين. كما ان لا تكون الأهداف المادية والكسب من وراء البحث العلمي ولا ضير ان تكون المردودات المالية تحصيل حاصل للجهد العلمي المتميز على سبيل المكافأة من رب العمل او المسؤول الأعلى او المؤسسات الراعية للبحث العلمي.
ان الظروف التي نمر بها تجعلنا أكثر إصرارا على التزام أخلاقيات ومنهجيات البحث العلمي حيث اننا أحوج ما نكون الى ثمار هذا البحث، وان صعوبة الظروف لا تبرر مهما كان السبب تجاوز أخلاقيات ومنهجيات البحث العلمي الرصين لان البحث عندما يوثق وينشر وتتداوله أجيال الباحثين لايقال عنه انه نشر او أنجز في ظرف صعب او غير اعتيادي بل انه سيخضع للتقويم والتصويب والنقد دون الأخذ بهذه المبررات. اما موضوع الترقيات العلمية فهي ليست هدفا من أهداف البحث العلمي، وان الباحث عندما يقول انني منشغل ببحث لأجل الترقية فانه قد ابتعد عن أهداف البحث العلمي وخرج عن سياقات العمل البحثي، فعلى الباحث ان يترك أمر الترقية كتحصيل حاصل لما قدمه من خدمة للمجتمع من خلال جهده البحثي، حينها سيقدم للترقية جهدا علميا قطفت ثماره قبل الترقية وستكون الترقية العلمية حينها مشرفة.

الاثنين، 15 يونيو 2009

اثر التقدم العلمي والتكنولوجي على المجتمع

لقد أسهمت البشرية منذ ألاف السنين في بناء صرح العلم الذي نعرفه اليوم كما أن الخبرة البشرية منذ ألاف السنين قد اسهمت في بناء صرح العلم الذي نعرفه اليوم كما أن الخبرة التكنولوجية حتى في ابسط صورها ورثتها الأجيال منذ العهود القديمة وفي هذه الخبرة التكنولوجية حتى في ابسط صورها ورثتها الأجيال منذ العهود القديمة وفي هذه الخبرة الإنسانية كانت التكنولوجيا لا تستند إلى معرفة علمية منظمة قائمة على البحث والتجريب بل كانت قائمة على الحاجة ولقد أصبحت العلوم والتكنولوجيا تسيران جنبا إلى جنب الأمر الذي أدى إلى ما نشاهده اليوم من ثورة تكنولوجية.
هذا التطور الهائل في العلم والتكنولوجيا الذي بلغناه حتى نهاية القرن العشرين ليس إلا مقدمة لما يمكن أن نصل إليه في القرن الحادي والعشرين فإذا علمنا الفترات الزمنية التي استغرقتها البشرية للوصول إلى نمط من أنماط التكنولوجيا في القرنين الماضيين كانت قصيرة جدا إلى حد ما فلنا أن نجزم أن هذه الفترات سوف تتقلص كثيرا في القرن الحالي وستكون الاختراعات وتطبيقاتها سريعة بأكثر مما نتصور.
ويشكل التطور التكنولوجي المتوقع في القرن الحادي والعشرين تحديا هائلا للبحثين والعلماء في كافة المجالات.
واهم الجوانب التي يتأثر بها الإنسان والمجتمع هي الخصائص الاقتصادية والاجتماعية والتربوية:

الخصائص الاقتصادية: الاقتصاد هو عصب الحياة في كافة المجتمعات والقوة المحركة للمجتمع وقد شهد التاريخ الإنساني العديد من الحروب نظرا لتضارب المصالح بين الدول وتحولت الدول من الاستعمار العسكري إلى الاستعمار الاقتصادي واليوم تعتبر التكنولوجيا هي الأداة الرئيسية للسيطرة الاقتصادية وظهرت في بداية القرن الحادي والعشرين كيانات اقتصادية كبيرة ويتوقع أن تزداد الهوة بين الدول الغنية والدول الفقيرة في القرن الحالي.

الخصائص الاجتماعية: إذا نظرنا إلى خصائص المجتمعات التقليدية فأن السمات التي كانت تحكم هذه المجتمعات في الماضي كانت قد انبثقت من ثوابت ارتضاها المجتمع قرونا عدة وبعد الثورة الصناعية بدأت هذه المفاهيم في الانحسار وأصبح الانتماء يسير نحو الفردية بدلا من القبلية والأسرة الكبيرة ولقد ساهم التقدم العلمي والتكنولوجي في تكريس العديد من التغيرات الاجتماعية.

الخصائص التربوية: تعتبر التربية أكثر الأنشطة الإنسانية والاجتماعية صلة بحياة الإنسان ومجتمعاتنا اليوم وإدراكا منها بأهمية التربية تبذل قصارى جهدها في سبيل تطويرها ولذلك يسعى التربويون إلى تطوير المناهج الدراسية وتربية المعلمين وفق الاتجاهات الحديثة التي تتمشى وظروف العصر.
ويعتبر ميدان تكنولوجيات الاتصال والمعلومات بمختلف المجالات التي يغطيها وتقنياته المتطورة والمتجددة محركا أساسيا لدفع مسار التنمية الشاملة ومقياسا جوهريا لتقدم الأمم.
وعلى صعيد أخر يعتبر النسق السريع الذي يميز التطورات والتحولات التكنولوجية التي يشهدها هذا القطاع الحيوي الواعد عنصرا فعالا في تنشيط المبادلات الإنسانية على اختلاف مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية باعتبار أن ثورة تكنولوجيات الاتصال والمعلومات أضحت تؤسس لشكل جديد من العلاقات بين المجتمعات والثقافات والتكتلات الاقتصادية والسياسية وتمهد لمستقبل جديد ومغاير للحضارة الإنسانية في إطار ما أصبح يصطلح على تسميته بالقرية الكونية.

ومن هذا المنطلق فقد أصبح توافق الأمم في إرساء تنمية شاملة ومستديمة مشروطا بمدى نجاح هذه الأخيرة في تجسيم الاستراتيجيات الملائمة قصد النهوض بميدان تكنولوجيات الاتصال والمعلومات واستثمار الأفاق الرحبة التي يوفرها على الوجه الأمثل.

واعتبارا لجملة هذه المتغيرات يحق لنا التساؤل على الدور الذي تضطلع به الدول العربية ضمن هذه الثورة التكنولوجية العميقة والمتسارعة وعن حظوظها ضمن هذا المحيط الاتصالي الجديد.

وتأتي القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي تم اعتمادها بمبادرة من تونس أثناء مؤتمر المندوبين المفوضين للاتحاد الدولي للاتصالات ( مينيابوليس 1998م ) في وقت مناسب كفرصة ثمينة تتيح للمنطقة العربية إمكانية التعمق في دراسة موضوع الفجوة الرقمية وتسليط الضوء على القضايا المتصلة بالإشكاليات والرهانات الإستراتيجية ذات العلاقة.

إلا أن من أول التساؤلات المطروحة في النقاش حول مجتمع يخص التعريف بماهية وخصائص وأهداف مجتمع المعلومات.

والحقيقة أن المفاهيم تعددت فعلا بتعدد الأطراف المعنية والثقافات وكذلك المصالح مما أدى إلى أن يكون من أهداف القمة العالمية لمجتمع المعلومات الاتفاق على مفهوم موحد على المستوى العالمي لماهية مجتمع المعلومات وعلى تمشيات متناغمة في إرساله من خلال تطوير المقاربات السياسية والتنظيمية والشبكات والخدمات في مختلف بلدان العالم.

د. منصور أبوموسى

تصريح بلفور:2نوفمبر 1917م

بعد محادثات طويله بين زعماء الحركه الصهيونيه والحكومه البريطانيه وعلى مدار ثلاثة سنوات حول أصدار تصريح من الحكومه البريطانية لليهود بخصوص فلسطين طلب الوزير البريطاني بلفور من الزعيمين الصهيونيين وايزمان وروتشلد إعداد صيغه للتصريح المقترح لعرضها على وزاره الحرب البريطانية.
وتم عقد مؤتمر صهيوني تفجر فيه نقاش عن تباين فكري عميق بين الزعماء الصهيونيين فيما يختص بمستقبل الوجود اليهودي في فلسطين على النحو التالي:
· المتطرفين الصهيونيين:
يسعون للحصول على تصريح ينص على الأنشاء المباشر للدولة اليهودية رافعين شعاراً يعني "ان فلسطين يهودية كما أن انجلترا انجليزيه وفرنسا فرنسية".
· اتجاه اخر:
دعا إلى الأعتراف بأن تكون فلسطين وطناً قومياً "للشعب اليهودي" كما جاء في مؤتمر بال الأول دون اشارة إلى الدولة اليهودية.
وأمام هذا التباين الصهيوني تشكلت لجنة سياسية برئاسة سوكولوف لدراسة نماذج من المشروعات الرئيسية:
· المشروع الاول:
من إعداد الدكتور إتنجر تمت دراسته في الرابع من يوليو 1917م يؤكد على ضروره فكره الوطن القومي ويمثل النجاح المعتدل وكان نصه الاتي:
"ان حكومة صاحب الجلالة بعد ان قدرت ان التطلعات الصهيونيه عادله وسليمه تعترف بحق الشعب اليهودي في ان تكون فلسطين وطناً قومياً في ظل الحكومة صاحبة السيادة التي سوف تحكم فلسطين في المستقبل بعد ان يتم النصر لقوات الحلفاء"
· المشروع الثاني:
من اعداد "هربرت سايدبوتام" ويمثل الجناح المتطرف تمت دراسته في 13 يوليو 1917م وكان صريحاً في اشارته لاقامة الدولة اليهودية واحتوى عبارة "تصبح فلسطين في النهاية يهودية مثلما انجلترا انجليزية" والمشروع يدل على اتجاهات سايد السياسية في مقالته في 2نوفمبر 1915م والذي تحدث فيه عن الاخطار التي تواجه الوجود البريطاني في مصر وقناه السويس وعن وجوب اقامه دوله حاجزة بغرض حماية قناه السويس واختيار الشعب اليهودي ليعيش في هذه الدولة حامياً للمصالح البريطانية في المنطقة.
· المشروع الثالث:
فقد بحث في اجتماع عقدته اللجنة السياسية الصهيونية وكان اكثر إيجاز وأكثر تعمقا من المشروعين السابقين ونصه كلاتي:
"ان سياسة حكومة صاحب الجلالة حين النظر في مستقبل فلسطين تضع مبدأ جعل فلسطين وطناً قومياً للشعب اليهودي.
وتحدد حكومة صاحب الجلالة بالاشتراك مع المنظمة الصهيونية الوسائل والطرق الازمة لاعادة تكوين فلسطين كوطن قومي للشعب اليهودي مثل منح المؤسسات الصهيونية ميثاقاً يتضمن سلطة مناسبة"

الا ان الحكومة البريطانية لم توافق على المشاريع الثلاثة وبررت ذلك بان المشروع النهائي الذي ارسله الصهيونيين جاء اطول مما يجب وانه يحتوي على تفاصيل ليس من صالح الصهيونية اثارتها في ذلك الوقت المبكر واستقر الرأي على ان يتضمن التصريح نقطتين اساسيتين هما الاعتراف بفلسطين وطناً قومياً للشعب اليهودي والاعتراف بالمنظمة الصهيونية.

فوضع الصهيونيين ذلك وارسلوه الى بلفور الذي رد عليهم برسالة في 8يوليو بان حكومة صاحب الجلالة تقبل مبدأ إعادة تأسيس فلسطين كوطن قومي للشعب اليهودي وان الحكومة سوف تبذل مساعيها لضمان تحقيق هذا الهدف.

وفي اغسطس 1917م تم تقديم مشروع ملنر وفي نفس الشهر تم تقديم مشروع بلفور وفي الرابع من اكتوبر1917م تم تقديم مشروع ملنر-امرى : وكان هذا النص بريطاني ارسل الى الصهيونيين بعد ان عرض على وزارة الحرب البريطانية وطلب منهم الرد عليه خلال اسبوع وكان نصه الاتي:
"تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف الى تأسيس وطن قومي للجنس اليهودي في فلسطين وسوف تستخدم أحسن جهودها لتسهيل تحقيق هذا الهدف على ان يفهم جليا انه لن يؤتي بعمل قد يضر بالحقوق الدينية والمدنية للتجمعات غير اليهودية الموجودة بفلسطين أو الحقوق والوضع السياسي الذي يتمتع به في أي بلد أخر هؤلاء اليهود المقتنعين تماماً بوطنهم وموطنيتهم ومواطنتهم القائمة".

وكانت الصيغة النهائية لتصريح بلفور الذي وافقت عليها الحكومة البريطانية في 2نوفمبر1917م هي الاتي: والتي ارسلها بلفور الى روتشلد:
عزيزي اللورد روتشلد
يسرني ان ابلغكم بالنيابة عن حكومة جلالتة التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود الصهيونية وقد عرض على الوزارة واقرته في 2 نوفمبر1917م
"ان حكومة صاحب جلالتة تنظر بعين العطف الى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل غاية جهدها لتسهيل هذه الغاية على ان يفهم جليا انه لن يؤتي بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية والتي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الان في فلسطين ولا الحقوق والوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في بلدان اخرى".
وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح.
وارسلت الحكومة البريطانية هذه الصيغة الى روتشلد الذي يعتبر من وجهة نظر الحكومة البريطانية أقوى شخصية في دنيا اليهود والمل والاقتصاد.

وكان الصهيونيين وبلفور يريدون كلمة "إعادة تأسيس "بدلاً من "تأسيس"لانها تبرز العلاقة التاريخية التي تربط اليهود بفلسطين ورأى وايزمان في ذلك" اغفالاً للحقوق التاريخية لليهود في فلسطين"

كما استبدلت كلمة "الجنس اليهودي" بكلمة الشعب اليهودي ولم يعجبهم ذلك ايضاً
وفي الولايات المتحدة الامريكية كان الرئيس ولسون رغم تأييده للصهيونية يعتبر ان نشر التصريح وقتئذ سابق لأ وانة لان الولايات المتحدة الامريكية لم تكن في حالة حرب مع تركيا.

ولقد كانت سياسة الحكم البريطاني العسكري هي سياسة التهدئة والتطمين عن طريق سلسلة الوعود الكاذبة الا ان هذا لا يعني في الواقع ان الفلسطينيين لم ينتبهوا لخديعة الانجليز لهم فقد أخذت انباء تصريح بلفور تتسرب الى فلسطين وكانت بداية انتشاره عن طريق جريدة المقطم المصرية التي كانت أول جريدة عربية تنشر الخبر حيث أن الجريدة تلقت من مراسلها في لندن في9نوفمبر 1917م برقية تحتوي نص التصريح نقلاً عن جريدة"جويس كرونكل" وبعد اربعة ايام وصفت المقطم صدى اعلان التصريح لدى يهود الاسكندرية واحتفالاتهم الكبيرة وقد قال رئيس المنظمة الصهيونية "جاك موصيري" في خطابة:
"بأن الصهيونية تلك الفكرة الخيالية قد صارت حقيقة واقعية".
ولم يصدر أي إعلان رسمي عن تصريح بلفور في فلسطين قبل20فبراير1920م فعمت البلاد موجة الغضب وأخذت المظاهرات الوطنية تملأ الشوارع والساحات في فلسطين.
ومن وجهة نظر بريطانيا أن اسباب هذه الاضطرابات الاتي:
1-استياء العرب لعدم تحقيق وعود الاستقلال المعطاه لهم في الحرب.
2-اعتقاد العرب بأن تصريح بلفور يتضمن انكاراً لحقهم في تقرير مصيرهم وتخوفهم من انشاء الوطن القومي اليهودي فهذا يعني أزدياد الهجرة اليهودية وبالتالي تبعية العرب إقتصادياً وسياسياً لليهود.

وبالنظر الى تصريح بلفور نجد أنه باطل قانونياً وتاريخياً وذلك للاسباب التالية:
1-التصريح صدر قبل دخول الانجليز لفلسطين بشهر واسبوع حيث صدر التصريح في 2نوفمبر 1917م ودخل الانجليز فلسطين في 9ديسمبر1917م فلو انهزم الانجليز لما تحقق ذلك.
2-اعطى من لا يملك لمن لايستحق.
3-لايذكر التصريح العرب وذكر عبارة غير اليهود في فلسطين وكان العرب 93% واليهود7%.
4-كان التصريح كتاب سري مكتوم عن العرب سربته الثورة البلشيقية في روسا كما سربت معاهدة سايكس بيكو.
5-روتشلد الموجه اليه التصريح لم يكن ذا صفة دولية وانما كان احد أغنياء اليهود.
6-التصريح يتناقض مع محادثات الشريف حسين.
7-فلسطين للعرب قبل أن يصلها اليهود فوصلها الكنعانيين وأستقروا فيها قبل الاف السنين من وصول اليهود اليها.
كما يلاحظ ايضاً بأن اعتراف بريطانيا في التصريح بأن يهود العالم يشكلون شعباً هذا مغاير للحقيقة فهم غير متجانسين لا لغوياً ولا ثقافياً ولا عرقياً.
وتمت الاشارة الى سكان فلسطين بالطوائف غير اليهودية وكأنهم اقلية عرقية يعيشون ضمن أكثرية يهودية.
واعترفت بريطانيا بحقوق دينية ومدينة فقط للشعب الفلسطيني دون الحقوق السياسية.


د. منصور أبوموسى